نظرة على قطاع الأغذية والمشروبات في المملكة

عندما نتحدث عن قطاع الأغذية والمشروبات (F&B) في مسبر، فنحن نعني خمسة فئات رئيسية نقدّم لها خدماتنا بشكل أساسي:

  • المطاعم

  • المقاهي

  • المخابز المتخصصة

  • محلات العصائر الطازجة

  • محلات الشوكولاتة المتخصصة والحلويات

ولفهم الوضع الحالي لهذه الأنشطة في المملكة، لا بد أن نعود قليلاً إلى الوراء لنُلقي نظرة أوضح.
أما المطاعم، فهي موجودة منذ أن عرف الإنسان نفسه واحتياجه للطعام، لذلك يصعب علينا تحديد بدايتها في المملكة.
لكن المقاهي لها وضع مختلف، فقد كانت فترة التسعينات هي العصر الذهبي الذي بدأت فيه قصة المقاهي. في عام 1992 انطلقت سلسلة مقاهي الطريق الشهيرة "بارنز"، وتبعتها في 1996 العلامة العالمية "دانكن دونتس" بافتتاح أول فرع لها عن طريق وكيلها في المملكة سلطان العدل. ثم جاءت في 1997 الرؤية الطموحة لـ يوسف سليمان الراجحي مع انطلاق "د. كيف" كأول علامة سعودية عالمية. وفي عام 2000، بلغ بريق هذا المجال ذروته مع افتتاح أول فرع لعلامة "ستاربكس" العالمية في المملكة، في "الراشد مول" بمدينة الخبر.

لعلك لاحظت، عزيزي القارئ، أن جميع العلامات التي ذُكرت في الفقرة السابقة هي علامات واسعة الانتشار ومُصنّفة كمنشآت كبيرة بحسب تصنيف منشآت، ولم يُذكر شيء عن المنشآت الصغيرة أو المتوسطة التي بدأت أعمالها آنذاك.
ويُعزى ذلك إلى ثقافة الاستهلاك في المملكة قبل عام 2010، حيث كان هذا القطاع في طور النشأة، وكانت العلامات المنتشرة على نطاق واسع هي من تحظى بثقة المستهلك السعودي، خصوصًا أن المقاهي كانت آنذاك منفذًا ترفيهيًا للجمهور، ومكانة اجتماعية مميزة لمرتاديها.

ولكن مع ظهور الإنترنت وبزوغ عصر مواقع التواصل الاجتماعي، انفتحت الآفاق وانتشرت ثقافة القهوة بشكل أوسع، وتمكنت المقاهي الصغيرة من الحصول على فرصة ذهبية للتواصل مع العملاء المحتملين المهتمين بعالم القهوة وجذب انتباههم.
هذا بدوره فتح المجال أمام الكثير من الطموحين لافتتاح مقاهيهم الخاصة، وبدأت المنافسة تشتد يومًا بعد يوم في هذا القطاع، وظهر التوجه نحو التخطيط الاستراتيجي لتحقيق ميزة تنافسية في السوق.
فاتجهت العلامات الكبيرة إلى تنويع قوائم منتجاتها وزيادة انتشارها، بينما بدأت المقاهي الصغيرة بمحاولة كسب الأفضلية من خلال خفض الأسعار، واشتدت "الحرب" – إن صح التعبير – ومع اشتداد المنافسة والحاجة لتطوير منتجات جديدة، تمكنت بعض المقاهي من تحقيق ميزة تنافسية حتى وإن كانت مؤقتة، وهو ما فتح الأبواب أمام مشاريع جديدة في السوق.

من بين هذه المشاريع، ظهر مفهوم جديد للمخابز يُعرف بـ "المخابز المتخصصة"، التي ركزت مبيعاتها في مجال B2B (من منشأة إلى منشأة)، أي أنها تُورّد منتجاتها للمقاهي بالجملة.
كما بدأت المحامص المحلية في الازدهار، حيث تستورد محاصيل القهوة من الخارج، وتقوم بتحميصها وتوزيعها على المقاهي، مما ساهم في توفير محاصيل قهوة بأسعار أقل نظرًا لقدرتها على الاستيراد بكميات كبيرة.

ومع هذا التطور الكبير، حافظ قطاع الأغذية والمشروبات على نموه المطّرد حتى عام 2021، حيث شهد القطاع زيادة ضخمة في معدلات النمو غير المسبوقة، إذ تجاوزت نسبة النمو 26.4% وفقًا لبيانات "منشآت"، وكان للمؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر الحصة الأكبر من هذا النمو.

ومن 2021 إلى 2023، استمر القطاع في النمو حتى بلغ عدد المنشآت رقمًا غير مسبوق في المملكة، متجاوزًا 92,000 منشأة، من بينها 90,000 منشأة صغيرة ومتناهية الصغر حسب تعريف "منشآت"، بينما تراجع نمو المنشآت الكبيرة والمتوسطة بسبب تغير ثقافة الاستهلاك وتوجه المستهلك السعودي نحو المنشآت الأصغر.

تعريف المنشآت حسب "منشآت":

  • المنشآت متناهية الصغر: منشآت لا يزيد عدد موظفيها الدائمين عن 5 موظفين، ولا تتجاوز إيراداتها السنوية 3 ملايين ريال سعودي.

  • المنشآت الصغيرة: منشآت يتراوح عدد موظفيها الدائمين بين 6 إلى 49 موظفًا، وتبلغ إيراداتها السنوية بين 3 إلى 40 مليون ريال سعودي.

  • المنشآت المتوسطة: منشآت يتراوح عدد موظفيها الدائمين بين 50 إلى 249 موظفًا، وتبلغ إيراداتها السنوية بين 40 إلى 200 مليون ريال سعودي.

  • المنشآت الكبيرة: منشآت يزيد عدد موظفيها الدائمين عن 250 موظفًا، وتزيد إيراداتها السنوية عن 200 مليون ريال سعودي.